يكتب ماجد مندور أن قرار محكمة بدر في القاهرة في 21 يوليو بشطب اسم الناشط علاء عبد الفتاح من قوائم الإرهاب يعكس تنازلًا نادرًا في التعامل مع قضايا المعتقلين السياسيين.
جاء القرار بعد إنهاء والدته، الدكتورة ليلى سويف، إضرابها عن الطعام الذي استمر 287 يومًا، مطالبة بإطلاق سراح ابنها المسجون منذ أكثر من عقد.
تشير منصة داون إلى أن هذا الإجراء لا يعني بالضرورة إطلاق سراح علاء، ولا يمثل تحوّلًا في سياسة النظام الذي يواصل الاعتماد على القمع كأداة للسيطرة.
بل تشير المؤشرات إلى العكس تمامًا، إذ يتعمق الاستبداد عبر وسائل تشريعية وقانونية.
أبرز دليل على ذلك القانون الجديد للإجراءات الجنائية، الذي أقرّه البرلمان المصري في أبريل الماضي، والذي يضفي الشرعية على كثير من الانتهاكات التي كانت تُمارس دون غطاء قانوني.
يمنح القانون النيابة العامة سلطة منع المحامين من الاطلاع على ملفات القضايا أو نسخها، ويُجيز للأجهزة الأمنية استجواب المشتبه بهم دون حضور ممثل للنيابة، مما يفتح الباب أمام حالات الإخفاء القسري والتعذيب.
تتضمن المادة 162 من القانون حرمان أسر ضحايا التعذيب من الحق في تقديم شكاوى مباشرة إلى قضاة التحقيق، وحصر هذا الحق في يد النيابة العامة فقط. بذلك، يُغلق أحد المنافذ القليلة التي كانت تسمح للضحايا باللجوء إلى القضاء.
فشل ما يُسمى بالحوار الوطني الذي انطلق في مايو 2023 يعكس أيضًا استمرار الانغلاق السياسي.
رغم الإعلان عن فتح قنوات حوار مع المعارضة، استُثنيت جماعة الإخوان المسلمين، ولم تُعتمد آلية واضحة للإفراج عن المعتقلين السياسيين.
فبينما أُفرج عن بعض الأسماء البارزة مثل زياد العليمي وحسام مؤنس، وُثّق اعتقال آلاف غيرهم في الفترة ذاتها.
تتواصل ممارسات التعذيب والقتل خارج إطار القانون.
في 28 يوليو، اندلعت مواجهات في مدينة بلقاس بعد وفاة الشاب أيمن صبري في قسم الشرطة نتيجة التعذيب، حسب ما أفاد محاميه.
وفي مايو، يُعتقد أن قوات الأمن قتلت رجلين بعد أن سلّما نفسيهما، بزعم وقوع اشتباك مسلح، رغم أدلة تُشير إلى غير ذلك.
تقرير لمعهد سيناء لحقوق الإنسان وثّق 863 حالة إخفاء قسري، وقدّر العدد الفعلي للمختفين بين 2013 و2022 بما يتراوح بين 3000 و3500 شخص، لا يزال مصيرهم مجهولًا.
السبب الجذري لهذا القمع المتصاعد هو الطابع العسكري للنظام، حيث لا تملك القوى المدنية أي نفوذ فعلي في صناعة القرار، ويظل البرلمان أداة شكلية تُكرّس قرارات السلطة التنفيذية.
تهيمن المؤسسة العسكرية والأمنية على المشهد، ويقود التيار المتشدد مسار الدولة بلا معارضة تُذكر.
كما يرتكز النظام على أيديولوجيا قائمة على القومية المتطرفة ونظريات المؤامرة، لتبرير العنف والمراقبة الجماعية وإبقاء المجتمع في حالة استنفار دائم ضد "أعداء الدولة".
هذا النهج يشتد في أوقات الأزمات الاقتصادية، مثل الوضع الحالي، رغم الدعم الدولي والإقليمي المقدم لمصر من صندوق النقد الدولي وحلفاء الخليج.
في المقابل، يغيب الضغط الخارجي الفاعل، لا سيما من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، الذين يواصلون دعمهم للقاهرة رغم انتهاكاتها الواسعة، ما يرسّخ القمع باعتباره سياسة ممنهجة.
بالتالي، لا يمثل قرار إزالة اسم علاء عبد الفتاح من قائمة الإرهاب سوى محاولة رمزية لتلميع صورة النظام أمام الغرب، دون نية حقيقية للإصلاح.
نظام السيسي يُعد الأكثر قمعًا في المنطقة منذ انهيار نظام الأسد أواخر 2024، ويقترب في ممارساته من وحشية الأسد أكثر مما يشبه حكم مبارك، ما يجعل آفاق التغيير في الظروف الراهنة شبه معدومة.